الجمعة، 18 مارس 2022

صديقنا إبن الملوح


- محمد المرتضى حامد -

في الحفلات السودانية، أيا كانت المناسبة والمكان، في البيت في الشارع في الصاله والمسرح، لازم يكون في شخص ظريف متماهي وغرقان حتى الجبين مع الغناء والموسيقى لدرجة انجذاب ينفصل فيها تماما عن محيطه فيُعبِّر عن حالة (الغرق) تلك بلغة جسد خاصة به كما لو أنه وحده في الكوكب تحت راية ما هماني شي، بعضهم يقوده الطرب المحض تلقائيا تجاه الحلبة لايهمه في ذلك ما إذا كان مدعوا أم غير ذلك أو كان مُجيدا محترفا أو هاويا. بالطبع في نوع  تُحرِّكه كلمات الأغنية إذا ما صادفت في نفسه هوى أو جرحا تاريخيا فيكتفي بالصمت واقفا هنااااك ورا في خط ميه بعيدا عن الأنظار. 

تلك النماذج الجميلة لا تخلو منها مدينة أو حي ولها شعبيتها ومشجعيها فالواحد منهم يلج دائرة الضوء بمجرد حضوره، بل يخطف الأضواء عن المغني ويشعلل الحفل، والأسماء  كثيرة في هذا المجال، وخلافا لبعض الظنون، ليس بالضرورة أن يكون زولنا مِسنسِن فمعظم الناس ديل صادقين جدا وعفويين في تصرفاتهم، وهذا الصدق ينعكس بوضوح في مشاركاتهم وأدائهم، تلقى الواحد طروب كدا (لوجه الله) حين تستفزه أغنية أو يكون وصل صفحة ٣٦.

حكى لي صديق أن الشاب (علوب)، الذي كان راقصا من طراز فريد ومن الجماعة المعنيين، خرج مغادرا مستاءا والحفل لسه في بداياته فسألوه: ويييين ياااا ؟ ياخ نحن جايين عشانك مخصوص، فكان رده: بالله فِكّونا، دا فنان أشتر وزمنو فارِق بيبوِّظ رُكبنا ساي. 

شفافيه!

مرات الغرق الزي دا سببه علاقة لا يراها العامة لكن مصدرها كلام القصيدة نفسه، ألم شديد، والبعض كان في حالة حب وليس بالضروره أن تكون هناك حبيبة في الواقع نسجا على نول قلبي عاشق ودربي خالٍ من حبيب، وبالطبع كان الشعراء يدركون مواطن الوجع في الأمة وما تتطلبه المرحلة فيوظفوها في أشعارهم، لذا كانت اللغة الشعريه السائدة ممعنة في تراجيديتها تفتح ممرات آمنة للحمى والرقص والصمت والهذيان أو التجاني الماحي.

كانت الحفلات لا تخلو من الناس اللطيفين ديل وكلما ازداد التفاعل معهم والتصفيق كلما ارتفعت حرارة الأداء والبهجة، ففي أيامنا، قبل زمن الصالات البايخه، كان بعض المتابعين يرتقون الحيط للمتابعة مطلقين صيحات الإستحسان والتصفيق لعوض ترافولتا ويطلبوا الإستزادة بالذات في حفلات العماليق الذين يصبوا البنزين على الحفل ويقدحوا كبريت ماهماك عذابنا فيلتهب المكان. بالطبع كان بعض أنصاف المغنين الذين لا يحسنوا الإختيار، ففي حفل زواج يلطشوا من شرحبيل الليل الهادي وطوالي يُلحِقوها ب (ياما بُكرا تندم وانا حالك بشوفو).

 المهم في ذلك العصر الرشيدي سادت في الحفلات (الليله ديك) وانفجرت (حان الزفاف) و(ما كنت عارف) كصدى ارتجاعي لما سبقهن من مراثي الفراق والهجر وإدخال الريده غرفة الإنعاش بتصنيفها، ادعاءا، أنها أقوى من قول العواذل واسمى من كلمة وشاية، وكان ذلك جميعه ينعكس على سلوك أصحابنا إياهم في الحفلات. 

هاشم ميرغني، على سبيل المثال، كان أيقونة عند المضروبين بما قدم من أغانٍ يتراوح أثرها بين 75 - 100 درجة على مقياس الألم VAS لدى جماعتنا بحيث لا يمكنك الإستماع إليه وانت واقف، (عشان اهلك بخليكِ) كان أثرها في جيلنا لا يقل عن تشرنوبل بأي حال، أوكرانيا دائما حاضرة في المشهد، وكلما صافحت مسامعي تلك الأغنيات تذكرت أسماء (مشاركين) بالصمت الأيجابي كتفاعل حقيقي معها، طبعا بعض العارفين بخبايا الأمور كانوا يواسون صديقهم في نكبته بمثلما فعل هاشم صديق برائعته (النهاية) إنابة عن نديمه مكي سناده بعدما حصل ليهو ريجيكشن من الروس، تاااخ، فقام هاشم بتحريك الناتو الذي اكتفى بالقلق والإدانة والقصيدة وفي النهاية قامت الشمس لمَّت غروبا وهاجرت والمتغطي بأمريكا عريان. 

أها، أغنيات هاشم ميرغني بالذات كانت ترانيما وصلوات للقوم في كل الحفلات، غريبه نعيش زي الأغراب وما نتهنى بالريده، وهنا تبدأ حالة الطوارئ حتى تصل اللون البرتقالي. كان بحق أعظم من يستمطر غدد الدمع حتى آخر مليمول، وكلما نشتل الأفراح تجي الأقدار تمد إيدا، زي البسوي فيهو الإنقلابي هسه.

كان نعي قصة الحب يبدأ من (الرميه):

خلاص ارتاح يا قليبي ارتااااااح..

إرتاح من النسانا وما طرانا وقصد أذانا وملانا جراااااح..

إنت ارتاح..

إرتاح من تلة إيدو ومن لفتة جيدو ومن أملو الراح..

إنت ارتاح..

آااح ح ح ح.

أهو دا الجنن عبدالقادر.

 كان لكل صريع عشقٍ حائط مبكاه الخاص يزوره عنده الرفاق وكان أشهرهم وقتها، قيس زمانه، صديقنا وحبيبنا (ابن الملوح)، كان شابا وسيما معطرا لا يُجارى في أسلوب تزييه ولطفه ومهاراته الفردية العالية المدعومة بفنون الإيروبيكس غير هيّاب لركوب أمواج الغرام وبطل في الرَكمَجه، كان يُشجي مسامع (الكتاش) كما في (كلمات) ماجده الرومي فيذّرُ (في سمعها شيئا يلذ لها)، كان وسيما كوضاح اليمن، مثقفا كسارتر، مفوّها كمانديلا، ورومانسيا تخطى الشابي هيمسيلف، سوبرهاتريك بنزيما ود اللزينا، يا حليلو، شارلستون ضاغط فوق و28 سم تحت وقميص (مخنصر slim fit مع شعر كيرلي و (خيط) أسود يطوِّق عنقه بعقيقة أهدته إياها ال case كحرز من (العين)، فعيون ظباء أم در تفوق ال stinger المحمول على الكتف، الزمن داك ما كان في شلاّبات فثمة code of ethics لا يسمح بذلك لكنه الحذر، ترتسم على محياه ابتسامة ثقة مُكهرِبة تضيء محيطه وتحرك (الأشياء) عن بعد.

كان يعرف من دار اتحاد الفنانين بالملازمين جدول الحفلات أين ومتى يغني إبن الباديه فيطل في الحادية عشرة تماما بتوقيت الإسكيز مع ثلة أصحاب حواريين جلهم لهم مشاويرهم في عتبات التبتل المقدسة وصلوات في محاريب الغرام ومعابد الهيام، دالاي لاما زمانه، وعندما يصل ابن الباديه منطقة أنا أنا أنا برضى بحكمك َعليـــَّا بمعامل إنكسار refractive index قدره 1.5، يقف صاحبنا أمام ابن البادية صامتا يؤدي طقوسه كبوذا لا يحول بينهما إلا المايك وألف أهلا يا دموع. 

الحواريون يراقبون عن بعد في خشوع، فهو يؤدي الصلوات نيابة عنهم كما العشاء الأخير، هو ابن الملوح، قائد مشير لجماعة لها شأنها في العشق، يتقمص دور مارلون براندو في فيلم (القيامة الآن) وأحيانا جيم جونز بتاع معبد الشعوب وفاجعة الإنتحار الجماعي المعروفة. كان ينتحب في صمت ضاج ويغادر الصيوان (المَحفَل) قُبيل الصبح بما يكفي لركعتي النافلة، كانت الحفلات تقام في صيوانات مقدسة، الله يغيز الصالات والساوندسيستم، بيّخوا اللمه مع الحسان ورا الخيمه أو في ركنها وجرّدوا القلب من الجُمَل المفيده والأسئلة المسهدة زي يعني كيفن ما بريدك؟ وضاعت اللهفة والشوق وبقي العذاب فأصبحت الحفلات مدعاة للضجر.

فقدت (الأشياء) ألقها وجمالها وعبقها وبهرجها و (الحِتت اتباعت) وولَى الحب والغرام  فقرر ابن الملوح الهجرة لأوروبا عساه يضمد جراحاته مستبدلا ود الرضي بجون كيتس والبلابل بال Three Degrees وبعدما (انحنى الخاطر من ثقل الأشواق) إتصل بصديق مشترك بعد غيبة مؤكدا أنه راجع أم در، مضيفا أنه سيعود لحفلاته وطقوسه قائلا: مش الرومانسيه دي، ح أفتشا أفتشا لامن أجيبا ليكم، 

ضُر كدا.



الخميس، 10 مارس 2022

(الحياة سفينة محطمة لكن علينا ألا ننسى أبدا لذة الغناء في قوارب النجاة)



-فولتير-

وأي زول لديه فكرة منقوصة عن الغناء عليه أن يستمع ويشاهد ماذا فعل هذا العثمان المصطفى المايسترو المطرب بصوته الذي، كالمذنب هالي،  لا يمر بالأرض إلا كل ٧٥ عاما ، في هذا العمل المتكامل السمح مما جميعو والذي  يجري عليه قول أحدهم، أنه بمثابة (مهرجان للأوكسجين.).


الجمعة، 25 فبراير 2022

خليل إسماعيل

 صوت زي النور الأخضر يسوقك معاهو بلطف ويُسر في الجهات الأربعة تغني بس ..

كلِّميهو يسيب عنادو ويسمع أحبابو البنادو..

أغنية (في مسيرك يا الهبيِّب) أسمح ما فيها أن المحور والثيمه الأساسية والطلب الإبتدائي والختامي (المهم تلقيهو طيب)، كلام سهل وأبسط مما تتصور، غاية يُقدم فيها الحبيب حُسن حال المعشوق على اشتياقه الخاص بمثلما ورد في كتاب النعام آدم الذي لخص المضمون في الغلاف ب (أريتك تبقى طيب إنت، أنا البي كلو هيِّن)، فمن صفات أهل السِلسِلّه، ناس أبوقطاطي وعثمان خالد وهاشم ميرغني وخليل اسماعيل السهروردي وآخرين، أنهم يؤثرون على أنفسهم والخصاصة فيهم مِقِّيله وبايته، عاشوا رهبانا بين تراتيلهم وخشوعهم، يأتون إلى الحياة في يُسر فيجمِّلوها ويرحلوا كنيازك مرت بالسماء في ليل صحراء مهيب..

خليل اسماعيل اللطيف، أجمع الناس على محبته كإنسان سهل ارتقى أولى عتبات الغناء في عروس الرمال وما أدراك ما العروس وما الرمال، دار اللِبيِّض، وادي سيليكون الحسان والمركز السوداني للعسل. أجمل لافتتين رأيتهما في قارات الدنيا كانتا (المركز السوداني للعسل) جوار البرلمان القديم بالخرطوم عندما كان في السودان برلمانا وقبل أن يصبح في عصر التتار مجرد كافتيريا مدعومة ومركزا للشخير وتبادل الرخص التجارية وحكايات مثنى وثلاث والمؤمن حلوي، أما اللافتة الثانية فكانت (مَشاتِل الأحباب) بالمهندسين في أمدرمان لها الرحمة ولأولاد قلِبا حسن العزاء.

 مش ملاحظين العلاقة بين الرمال والجمال؟ نساء الرمال يتميزن بحُسن يُفضي بالرائي إلى مساكن السحر والجن وبقاعهم كما وادي عبقر وكهف غات الليبي، وتأكيدا لجمال أهل الرمال سُميت عاصمة الصحراء المغربية ب (العيون) غض النظر عما إذا كان فيهن نعاس أوينابيع فتنة أو سَرَف. بالطبع لولا حُسن الصحراويات ما وطئ تلك الغفار رجل، النساء هناك واحات لحالها، وفي ظني، وليس كل الظن إثم، أن كل من تغنَّى بهن هناك كان في حالة وَلَهٍ حقيقي لا يمكن السكوت عليه كلو كلو، يُفصِح العاشق فيهم حتى لو سُمي (الكاظم) عبدالله الذي تشبب بحسان زي (اللالايه) ورصيفاتها اليلهلهن اللهاة بأشعار خوالد حتى رفع، رحمه المولى، راية استسلام عالية بيضاء كتب عليها بالبونط العريض (يُمَّه الله من الريد)..

خليل بعث الهِبيِّب كمسنجر في مهمة تشبه دور الهدهد، شوفي لي أسباب غيابو وجيبي لي عذرو وجوابو، نهائي ما قال عتابو، زول بسيط وطلبو للهبيِّب الزاجل أبسط، عايز إفاده عن حال الحبيب لاغير.

المحبة للخليل لم تتأتى من كونه، مع مسير الهبيِّب، أتانا بأمانٍ عذبة من (أبوقطاطي) وليس لأنه أدلى بإفادة كالعلقم وحاره نار حين قال: والشباب أفنيتو أبحث عن وجيعي فأرسل جُل مجايلينا إلى الفلوات بلا زاد، وليس لأنه قدم عرضا أكروباتيا أوليمبيا مع البلابل وبشير عباس في (حيّرت أفكاري)، وليس لأنه حبب الناس في جبل مره وبف نفث القطار في صعوده الأسود المجيد عكس الريح باتجاه الأوزون، (كم كم كم سَرَّيت خليل وفرَّقت خليل من خليل)، لكن لأنه يغني من غدة صدق لا تُري تقع بين القلب والكبد بصوت يتموضع بين تينور وألتو يهدهدك في المهد صبيا، يحيِّدك ويعزلك تماما إلا من رويحتك دي، فترى في عينيه أنه بحق يعيش كل حرف في أغانيه وجوفو بياكلو اللهيب.

يا حليل شخصو العظيم السافر سكن النعيم..

في ملحمة هاشم صديق وعرض أبواللمين الجوي أيام يفاعتنا، كنا نتساءل، بعد أن أدلت أم بلينه السنوسي بشهادتها بأن (كان القرشي شهيدنا الأول) بصوت يؤكد (أن الخوارق ليست تُعاد)، كنا نتساءل: طيب ياربي منو الإخترق حاجز الصوت وطلع من نص السرب منشدا (وكان في الخطوه بنلقى شهيد بدمو بيرسم فجر العيد)؟ وطبعا دماء الشهداء حتما سترسم فجر العيد طال الزمن أم قصر لاتحول دون ذلك كل ترسانة الناتو أو بوتن. أها، الطلعه دي خليل عملها بحركة تعرف في مقاتلات السوخوي بال Copra Maneuver، طلعه أفقيه سريعه تليها وضعية الوِزين بصديرو عام، وطوالي شقلبة للخلف (سمرسولت) وخلفها دخان أحمر يجمِّل السماوات الصافيه تاركا بقية السرب بالجانبين يواصل طيرانه الأفقي بخطوط زرق فترتسم في السماء لوحة، كابتسامة العزيزة، تسعد الفضاء ويحتفل الأفق.

(وكان في الخطوه بنلقى شهيد بدمو بيرسم فجر العيد) دي عندما أسمعوها لخليل مسجلة في حفل نقله التلفزيون قبل رحيله المباغت بقليل، جاءه الشامخ محمد الأمين يصافحه، بكى الإثنان ولحقناهم سرا بالدَرب التِحت فكانت بحق لحظة مختلسة من زمن عجيب تصعب الكتابة عنها لأنها تختزل في كثافة عالية فرحة بقصة ثورة ٨ درجات على مقياس هاشم ريختر وجوقة المنشدين مقارنة بآمال عراض ممهورة بدماء الشهداء وعذابات الشرفاء تلاشت بفعل بعض عسكر العالم الفاشل الذين ظنوا، وما فتئوا، أنهم خلقوا ليحكموا ولم يتعلموا من تجربة ٥٤ عاما عجافا أورثتنا مؤونة قرن من الفواجع.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

تصغير بعض الكلمات في هذه الأغنية ك (الهِبيِّب) و (الحِبيِّب) و(قِريِّب) يجعل منها لغة يضوع منها عبق ثياب صلوات الأمهات ويدثرها بجمال فادح عكس المبتغي من التصغير، التصغير فيهو حنيّه بأكثر من الكلمة الأصل، فيهو عاطفة صقيلة و organic ومدهشة، زي مناداة حبوباتنا يا (وِليدي) وزي ود بارا الفخم، يا سلام على ودبارا، لامن يقول (رويحة) الهاويه، وبريدك من زماااان لِسَّه، طبعا الريده عند الرجال كالنهر في جريانه يروي الزرع والضرع في عطاء حاتمي جل العمر حتى يلقى مصيره المحتوم في الدردنيل أوبحر الظلمات وتلك نتيجة منطقية لسؤال (أبوصلاح) التاريخي على لسان بادي: كيف تبقى عاشق وانت حي؟

أحمد المصطفى قال دستورو نازل في الخرطوم تلاته لكن الساكس المصاحب لأداء خليل يُدستِر كل الكائنات لا سيما مع أنامل تتقن الملامسة والمداعبة حد الإسكار والغيبوبة. إنصتوا له عند السنجك وغيتاشو الإثيوبي وسمير سرور أو فوستو بابيتي، يا تطرب يا تطرب والرده مستحيلة، عزف يصحي كل جيوش الشجن والخلايا النائمه فيك وفي كل من انتمى لفصيلة البشر. بالطبع هناك استثناءات قليلة لكائنات (تعرفونها جيدا) تقع خارج ال Homo Sapian ما في داعي نعكِّر بذكرها مقام الخليل. 

 يقول حسين البرغوثي: عمق الغناء يأتي، أحياناً، من عمق الوجع، كما يأتي الضحك الذهبي من كثرة المتاهات...

ملحوظه أخيرة:

قلبي من تعذيب بُعادو لاقى أهوالاً تَشيِّب.

الثلاثاء، 15 فبراير 2022

يا مكتول كمد

 ورد في الأنباء أن فريقا طبيا أمريكيا نجح في زرع قلب خنزير بصدر مريض أمريكي وأن المراقبة الطبية اللاحقة للعملية أظهرت أن القلب شغال (تَش) بما يُعد فتحا علميا، وتفريعا على هذا فكل من تعرض قلبه لخراب بسبب الحب المضروب مع ناس لا لا أو بسبب المكون العسكري أو مشاهدة المحللين الإستراتيجيين أو قفل الكباري والموانيء وقطع النت بجمهورية وجعستان، عليه أن يسعى ليهو خنازير في كونتينر على شكل حظيرة والضرورات تبيح الإسبيرات، فالقسمه ما معروفه ليا وليك كانت خافيه.

يقول العلماء أن الإنسان يشترك بالجينات مع الخنازير بنسبة ٨٤،١٪ ومع الموز بنسبة ٥٠٪ ، أيوا الموز، وأن هناك تشابها في الحمض النووي بين البشر والكلاب بنسبة ٨٤٪، وهذه حقائق علمية يمكن الإستيثاق منها لدى قوقل الشِفِت، وهي معلومات لا يعوزها برهان أو تعمق في الداروينية، ومعروف أيضا أن الشمبانزي من أقرب الكائنات جينيا للإنسان وهو الوحيد، مع الإنسان، الذي يميز نفسه (بيعرف روحو) وفقا لتجربة ال Mirror Self-Recognition Test  التي يحتاجها بعض الساسة عندنا، ومن ثم يكون الشمبانزي أقرب الكائنات للبشر بمن فيهم الحِليوونه هارناز ساندو. 

فا شنو، الناس أخير تقعد واطا..

ما يهمنا هنا القلب وما حوى، فقد أثبتت دراسات سابقة أن القلب ليس مجرد عضو لأكسجة وضخ الدم لكنه يحمل المشاعر والذكريات والآهات ومشاوير الحكاوي، وهو البشيل الريد وبشيل ودّو ويشيل نفحات عبير وردو، وسبق وقرأت أن للقلب ذاكرته الخاصة به المنفصلة عن المخ لذا خاطبه وردي محذرا أوعى يا قلبي تنسى، وهو غرفة العمليات لحالات العشق البكر، أيام (عيناك غابتا نخيل ساعة السَحَر) ومساءات الغزل الخرافي ووصف على شاكلة (شرفتان راح ينأى عنهما القمر) قبل أن يتطاير منهما الشرر، والرده مستحيلة. 

ثبت بالتجارب أن من نُقِلت إليهم قلوبا من آخرين ظهرت عليهم اهتمامات كان يتمتع بها المتبرع فأصبحت تصرفات المتلقي تشبه، إلى حد بعيد، تصرفات سيد الشي ذاتا، يعني ممكن تكون زول مهذب حمدوكي الهوى بكرافته purple ومرات فوشي وتشبك السنابل وقوى الشعب العامل: سنعبر سننتصر، ثم يُنقل إليك قلب إنقلابي مزمن وبمجرد خروجك من اللسبتاليه تقول لمرافقيك: بباقي البنج دا ودّوني اللِزاعه عندي بيان.. يا وهبه روق .. فتسجن رئيس الحكومه وحرمه (لحمايتهما) من نسوان الوزراء ستات القليب الجافي العامل استمحان، الله يغيزن ناس ريا وسكينه، وتجي تقول للشعب يا طير.. هوي يا طير يا طاير: الزول دا قاعد معاي في بيتي ضارب الكمونيه وأمبارح مشيت زرته.. في بيتي .. عشان تكون عيونا سوا وإضنينا سوا والعين تشوف العين والليد تصافحو.

يا اخوانا في زول عندو لوحة (سرواليه) لسلفادور دالي ينزلا لينا هنا؟

موضوع القلب بتاع الخنازير دا ما راكب لي في راسي كلو كلو ومجهجهني لأسباب كتيره، منها إننا أصلنا ناس محبه، ومنها أن القرآن الكريم أشار للقلب في مواضع كثيرة بأنه مكمن الإيمان والعقل والحاجات الزينه والشينه برضو، وأسوأ الشينات هي القلوب الغُلُف، وهذه قصتها طويلة، فهي مغلقة قاسية لا تسمع النصح ولا يصلها قول وتقتل وتغتصب وتبيد مدنا بحالها كقلب نيرون روما وبينوشيه العميل وميلوسوفيتش السِقاله، وقد عرف التاريخ قديمه وحديثه نماذج منها أوردت أصحابها وأهليهم وأوطانهم المهالك، والقلوب تتراوح بين القليب الراسمو حِنه، بتاع الشواكيش والمرزبه.. يا وهبه لا.. خايفين عليك من البهدله، وقلوب توسوس لأصحابها بالكنكشه في السلطه بأي ثمن غير عابئة بأي نصح من الدواخل والخوارج فيأتي أصحابها تصرفات يحاروا هم أنفسهم في الخروج منها، ويسري عليهم من ثم قول حبوباتنا تسوي بإيدك يغلب جنجويدك، الواحد منهم يظل سادرا في غيه حتى يلحق غنم زهرا البتحك ضهرا في حيط إشلاق كوبر وشجر الخلا.

القلب في ذاكرتنا سمح، لذا أعجب أن يكون للإنسان قلب خنزير، فلحم الأخير محرَم أكله وفقا للديانات الثلاث، وينطبق ذلك على بقية الأعضاء كالكبد والكلى والكوارع لكن ربما أمر الإسبيرات يختلف. 

صاحبن لي، زول ممسوووخ لامن بهناك، قال لي كوارع الخنزير دي مبالغه، زي الزبده، فيها فتّة بالدكوه تنسيك اعتصام الموز زاتو، أما لحمتو ففيها أقاشي crispy يخليك تدوبي، بالذات لو لِحقتو بالجن الكلكي داك البخلي المجلس يقول أحي، لكن حساب الله ما بنقدر عليهو، وزي ما بقولوا كل ممنوع مرغوب، وكما قال الشاعر:

مُنعتُ شيئا فأكثرت الولوع به ... أحب شئ إلى الإنسان ما مُنِعا.

صاحبي ممسوووخ، مُش؟

أين الموز يا عكرمه؟

من ثم، فإن الذي يسعى لنقل قلب خنزير ربما يستبق ذلك بفتوى شرعية حول مسائل كثيرة تتصل بهذا القرار الإنقلابي.

 عموما القصه دي (ماكلا معاي جنبه) زي المبادرة القالوا مافي واعذروني على اللغة الخِربت، بقينا نقول الراستات والسانات والواقفين قنا، فالناس على دين إنقلابييهم، وعلى ذِكر خراب لغتنا، عزيزنا وأستاذنا الراحل مولانا عبدالله أبوعاقله أبوسن، له عليين، زمان قال لي مازحا، جيلكم دا بوّظ اللغه، شابكننا مِدَبرِس، باميه فاهمه، ليمون مجنون، أنجيرا بدمعة الشوق وخُدره مسؤوله ومِكَييس ولَكشرتو..إلخ، والعجب البنات الشوّهن أسماء بعض: يا (إ) حلااااام، يا عشَششه، تًاماااضُر، أما (زاهارا) دي حين تُنطق تحرق خميلة بحالها.. والحاله تأدبا لم نكن نورد أمامه كلمات ك (خالط) وأخواتها، فتأمل، كان لامن تلاقي صاحبك مع الإسكيز تداعبه في اليوم التالي غامزا: شااايفك أمبارح (كابِّي كتَاش)، هذا قبل ما الريده تمسخ وتنقلب واي فاي..

له الرحمه لم يشهد لغة (الجكسي) و (الترويكه) ونحن (مقصيين) وخطباء تجاهلوا قول سيدي (ص)  (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) فحشدوا البصاق والسباب في لغوهم، ولم يشهد (فريق) تَمبَاكة الدوحة أبوحداشر حتى كجنّا كلمة (فريق) وست الفريق الضامِر قواما ذاتا.

أها، متلقي قلب الخنزير دا ما أظنه يقول للمحبوبة: يا ست قلبي أو يغني ليها: أشيلك في القليب نوار جميل ناير وفات حدو، ومما لاشك فيه ستتغير أغنية حبيبي يا اللابس الشريط يال للقلوب لقاط لقيط لأنو دا، في نظر البعض، حيبقى كارديولوجي سلخانات ساي، وستتغير الأغاني الموجهة لوزير مالية بُمبانستان: يا العامل وزير ومرًكِّب مكنه خنزير، بالذات لو كان وزير واحد براهو لا شريك له ممكن يعمل إجتماع مجلس وزراء solo، 

يا شعبن سوى البدع، بدع الزمان الهمذاني، 

وبرضو ممكن تغني:

قلبي ليك بنادي إنت يا كومبارس وعامل سيادي ... يا ناس عصفوري شارد قصد عنادي..

مما جابوا سيرة الوثيقة وطفشن طفشا.

وسيندرج في باب التناقض أيضا أن الحبيب الذي كنا ننشده زمن كانت الزهور صاحيه:

تِبرِ وجمَّروهو والنار انطفتلو..

طالع في الهجيرة والشمس إختفتلو..

المن نور وجنتيهو القمرا تأدبتلو.. 

أشتاق لنظرتو و جوَووه خنزيري شَتلو.. 

ما جايه مش؟

أما لوسمعت Ray Charles يؤدي رائعته Unchain my heart فاعلم أنه يصيح من كونتينر مِخنزِر ولو فكّوهو ستتعب سيلين ديون بقولها My heart will go on and on، و دي تبقى مساسكه يختلط فيها الغناء بالخنخنة.

-

(ياليت لي قلبك ، لأموت حين أموت)

-درويش-



الجمعة، 4 فبراير 2022

أصبر خليهو

برضي ماقادر أسيبك لما أنساك بشتهيك..
مع كل دفقاتى الحنينه وكل دمعة شوق سجينه..
تهاتي بيك روحى الحزينه وأشقى لما تهاتى بيك..
بالله يا المغتربين والمهاجرين وناس الدياسبورا والمقيمين في البلد الحزين، علموا أبناءكم معاني (بريدك) و (تهاتي) و (مشتهيك) حتى لو بلغتم (شحتفة) الروح ذاتا، فكلمات عينة  craving  و longing و miss you  ما بتوضح الموقف في غرفة عمليات القلب..
تمام؟ 
برضو كلموهم أن مبدع اللوحة أعلاه، شاعر (غاية الآمال) والقائل (من لمسات حنانك خلاص تَمّينا دور)، كان ضابطا بقوات الشعب المسلحة برتبة لواء وأديبا يجيد لغتين ولاعب كرة وإمام مسجد واقتصادي ومثقف من طراز فريد، وقبل ذلك كان أول دفعته بالكلية الحربية (حامل السيف)، كانت تسمى الدفعة بإسمه، لكنها عرفت بدفعة نميري وفي حكاياتنا مايو. 
ترقى حتى رتبة اللواء قبل أن تصبح الرتب سلعا تباع  وتنمو في الخلا زي الموليتا وتوزع كالسندوتشات في كناتين الحركات ومواكب الفلول والموز في تماهٍ عجيب مع الزمن المريب.
قولوا لأبنائكم أن البوليس وسلاح المدرعات، كانت لهما فرق جاز تبهرج ليالي العاصمة، فيها العسكري عازف الساكس التِرِس عبدالله دينق الذي كان يُسكِر نيلها طربا على إيقاع التُم تُم وصولو (المانِسونا) و (حبيبي غاب في موضع الجمال بلاقي)،
في مس الحرير بلاقي
في صوت الخرير بلاقي
في ماء النَمير بلاقي
مع العندليب بلاقي
عوض أحمد خليفة، ربيع الدنيا، لم تحُل العسكرية الصارمة دون أن يكتب (خاطرك الغالي) ولم يتردد في أن تذيع أمدرمان (الآن يغنينا عثمان حسين من كلمات عوض أحمد خليفة "عُشرة الأيام")، وهو ذاتو عوض الذي كان يمكن أن يتغدى جيشه في فتّاشه ويتعشى في أي من عواصم الجوار إذا شاء،
 شايف كيف!
قال في عُشرة الأيام (ما بِصَح تنساها، كأنه ما عشناها، كأنه ما ضمّانا أحلى غرام)..
قاتل الله الجحود..
كلام زي جنزبيل السكه حديد وبيبسي السبعينيات اليطلع بنخاشيشك ويرد الروح لناس ال bloatation والديسبيبسيا.
بالله شوف (ضمّانا) دي كيف!
حاجه كدا كخيمة دفيئة يعوي في خارجها زمهرير امشير.
نوستالجي؟
فيها شنو!
 رومانسي؟ 
طيب مالو!
(عوض) العسكري الماخمج، أصلو ما جاب سيرة الدوشكا ولا الهاوتزر وهو فارسها اليجول في سوحها دفاعا عن الثغور وحماية للأرض والعرض وليس في أزقة الحواري هتكا للعروض وانتهاكا. والذي سمك السماء بلا عمد، لو كان ورفاقه بيننا لما تفرجوا على الحرائر يغتصبن وشبابنا يقتل وتداس رؤوسهم على الأسفلت بأحذية المجرمين أمام قيادتهم التي استجاروا بها فأغلقت بواباتها أمامهم، بل سُدت دونهم حتى مسارات الخروج كي لا ينجو منهم أحد، لكنه زمن الغدر والخزي.
إبراهيم عوض الذري إبن المفاعل النووي (حي العرب) شدا ب (كنت معاك سعيد)، غالبا مبسوط من جيش كانت تهابه أفريقيا (يحاذره حتفه كأنه حتفه) كما النمل وجيش سليمان، وقتها يسعد (عوض) أن يقال عنه أنه أحد قادة ذلك الجيش الخطير وأنه، في الوقت ذاته، أحد عماليق الرومانسية. 
كان يطل من التلفاز وبجواره العظيم كابلي، نعم كابلي إيفرست، كابلي الهملايا، كابلي عصي الدمع إمبراطور (آسيا وإفريقيا) وصاحب تاج السر الحسن والملايو وباندونج الفتية واللواء حقوقي الحسين تفشى الخبر. 
لا حول ولا قوة إلا بالله. 
 يا اخوانا نحن كِتِلنا جد..
كاميرات الأستوديو ذاتا كانت فرِحة جزلى تغازل بعضها بعضا وهمست إحداهن لأخرى: دا الزول الغنى لكينياتا وناصر وسوكارنو وجميله بوحيرد قبل أن ندخل زمن هيييي دي مالا! وكابلي ينقرش عوده قائلا بصوت كالكريستال المُسال (حأغني ليكم من كلام حبيبنا عوض " أغلى من عيني واحلى من ابتسامي")، عوض ما قال أنا اللواء المضرجة أكتاف بزته نجوما ومقصات ونياشين لكنه قال (مكتوب في جبيني غرامك وانت عارفو.. باين في كلامي وفي عيني شايفو) ويبتسم لكابلي مُناولا إياه العبير في رفق، شوفتوا شُغل بشرى وبشاره وتشافي وإنييستا؟
يا نسايم الليل زوريني 
بالشذى والطيب عوديني
زاد الشوق لي يهون إمتى وصالو!!
مكتوب في الروشتة، تُسمع بالعود بصوت (أبو داؤود) أو  حنجرة (عاصم) الموشاة مرة عند اللزوم، وطبعا البلد كله مأزوم في حالة لزوم.
طيب، الجاب سيرة نسائم الليل شنووو؟ 
صديقي الحبيب الأمدرماني يحيى بشرى حسن الشاذلي (أبو اليا) كان لامن يتكيف من زول يناديه (ياااا قومي)، أها، كانت الأسرة تتحلق أمام التلفاز وإبن كوستي (القومي) الفريق أول شرطة إبراهيم أحمد عبدالكريم، لامن الخلوق تهجع، يُسعد مساءات الوطن في برنامجه (نسايم الليل) بجميل الكلِم والأشعار المنعنعه والخرائد والحروف المعطرة وتلمع ويتلو علينا دفتر أحوال الصبابة. كان يؤنس الملايين ويوزع هرمون السعادة والحب ،أوكسيتوسين مجاني، من خلال ذلك البرنامج الذي كانت تنتظره الأسر بلهفة كإبنها العائد من الجبهة في زمن الجيوش السمحه الغنت ليها الفلاتية الله ليَا ليمون سقايتو عليا. إبراهيم ينصت لضيوفه ويتحرى في عيونهم  بريق العاشقين مدوِّنا تقارير الفؤاد (التائه الأضلاع) لايف، لم ينقص ذلك من مهنيته في شئ، فقد كان شرطيا لايشق له غبار، رجل مباحث فذ لم يلجأ لأساليب العاجزين، يُعمِل عقله وإنسانيته والقانون لاغير، حتى ارتقى أعلى رتبة كمديرعام للشرطة السودانية. رجل بذاكرة ديجيتالية و (ويكيبديا) قائمة بذاتها ومرجعا في تاريخ الثقافة والأدب، خبير بالعمل الإنساني والجمعيات الخيرية مهموم بأهل السُكَّر الحلوين ممن أذرى بهم الجلكوز وخذلتهم ال  Beta Cells.
كان في شرطتنا رجال كاللواء عمر علي حسن، يطول عمره، الذي يكفي أن تطالع له مقالا في الأدب والفنون والجغرافيا والأنثربولجي وكلاما يُدرَّس عن العقيدة الشرطية كجهاز مدني لا عسكري لتعرف أين كنا. هي الشرطه التي ترأسها محمود بخاري العَلَم، شرطة أبو آمنه حامد البِريد قلبو يعيش في شكّو أكتر من يقينو..
لازم تعرفوا عن الجنرال جعفر فضل المولى ومحمود أبوبكر، إيه يا مولاي إيهٍ، ومبارك المغربي والجنرال الطاهر إبراهيم الذي انحاز لثوار أكتوبر منشدا:
شعبك يا بلادي أقوى وأكبر مما كان العدو يتصور، وهو المتبتل اليشكو الحبيب في عرضحال:
لو بُعدي بيرضيهو وشقاي بهنيهو..
أصبر خليهو الأيام بتوريهو..
قوائم تطول من أولئك (النظاميين) الحقيقيين الذين أضافوا ألقا وهيبة وجمالا للرتب فزانوها وشرُفت بهم الأوسمة والنياشين، رومانسيون رغم صرامة الوظيفة، فالحديد الصلب يقطعه الماس الجميل الشفيف، لذا فازوا بحب العباد وتوهطوا في القلوب وكانوا زينة المجالس بمافي عقولهم وقلوبهم وليس بغيرها. 
بالله مش غادرتنا المتعة وأصبنا جميعنا بالأنهيدونيا  anhedonia؟ مش دخلنا زمن رحل فيه حتى طيف السعادة لولا شبابنا الثائر ورفاقهم الشهداء الذين أصبحوا بمثابة lifeline  وأوكسجينا للبلد؟
 رحم الله من رحلوا عن العبوس الغراره ممن سهروا على حمايتنا ورعايتنا، الذين آمنوا روعنا وطيبوا خواطرنا وصانوا حدودنا وأهلينا وأطربونا وثقفونا وألبسونا (دثار خزٍ ناعم الأسلاك منغوم الحفيف)، كان وجودهم بيننا مظلة أمان ووثيقة تأمين شاملة ضد المخاطر..
حليلم جبارين الكسور فرتاقين ام لبوس لويعة الفرسان.. أما الموز ف..
الأيام بتوريهو.
وماتنسوا التبرع لعلاج شباب الثورة وأسر الشهداء المحتاجين.
.

الاثنين، 10 يناير 2022

حمدوك عائد وحايم في الخرطوم بحراسته كاملة..
الوضع على الأرض يقول أن مبادرة فولكر والتي تختزل في أربعة نقاط مقروءة مع حقيقة أن الإنقلابي ورهطه لم يجد رئيسا للوزراء بل حتى وزراء يكلفهم بالحقائب ذات الصلة منذ انقلابه حتى الآن.
كل ذلك أسفر عن نشاط في تسويق المبادرة التي تختصر في :
١- رئيس وزراء (حمدوك العائد) يعين من يشاء ويفصل من يشاء بما في ذلك وزيري الدفاع والداخلية.
٢- مجلس رئاسي شرفي (رمزي تماما) بثلاثة أعضاء.
٣- مجلس أمن ودفاع ، لإرضاء بعض العسكر.
٤- مجلس تشريعي يشمل عددا من الرموز السياسيه ولجان المقاومة والقيادات الحزبية  وبعض مجموعة اعتصام الموز والجالسين على المساطب .
وتكون ماما أمريكا والأمم المتحدة وأوربا قد نفذوا ما أرادوا.
وهكذا يكون الإنقلابي قد خرج من ورطته التي جرى عليها المثل السوداني (تسوي بإيدك ويغلب أجاويدك)..
المبادرة يعارضها الكيزان والشيوعيين وعبدالواحد..
وأسوأ مافيها معروف للجميع ما يذكرنا بمقولة خميني عند توقيع اتفاق وقف الحرب مع العراق..
على أية حال تلك مؤشرات تقود إلى عودة حمدوك فالمبادرة مفصلة على مقاسه وقد ترك صاحبنا جوَاله مفتوحا بانتظار رنة من زول معين يقول له : اتفقنا.

الخميس، 15 يوليو 2021

زارنا وجِننا

(م) من أظرف ناس الشربَه، وهو مرجع وخبير استراتيجي في أنواعها بدءا بالكوجومورو بتاعنا والطَج (شربوت سد النهضه)، مرورا بالجِن وال Screaming eagle، وأكيد من الأسماء النتائج معروفة والتحليق مضمون..
تجده يترنم:
(فشارب الخمر يصحو بعد سكرته وشارب الحب طول العمر سكران)
سأله صديق مشترك:
-إنت لازم تشرب كل يوم؟
- أبدا، أنا ما بشرب إلا لامن أكون زهجان، وما حصل ما كنت زهجان..
- طيب ياخ يوم جرِّب تشرب حليب دافي ونوم!
- جرَّبت وجاني أبكبَّاس.
حكى أنه ذات جمعه كان (داكِّي) الصلاه زاتا راقد في سريرو متوسِّد وثيرو بسبب هانقوفر من فعاليات هلا بالخميس يُبحلق في اللاشئ، وفي غفلة رقيبو إذا بكائن قبيح مرعب يخرج من جدار الغرفة ويتجه نحوه مباشرة واثق الخطوة يمشي ملكا وتااااخ رصعو كف ثم عاد في هدوء واختفى في الجدار.
ألعبوا تاني..
أقسَم أن الكَفتو جان لا في كارتون توم وجيري ولا الأفلام الهندية التي ينقلك (الكف) فيها إلى كوكب نوبيرو..
كومار ياخ..
هرب بملابس النوم إلي الشارع..
نصحه الرفاق بالإعتزال لأن ما حكاه مجرد أخيلة وأوهام كأوهام سندوتشات الطحنية بالعودة إلى الحكم.
شكرا للشهداء الذين يأكل الجميع على موائدهم اليوم ويتواطأ البعض على خيانة دمائهم الطاهرة..
أقسم صاحبنا بأنه كان (واعيا) وأن آثار الصفعة قائمة على جضومو،
إعتزل صاحبنا المشعشعة ردحا من الزمن وأصبح من المداومين على الجمعة وخطبتها حتى لو كان إمامها الشرد تركيا.
قال تاب، لكنها كانت كتوبة العاشقين بسقط اللوى أو أوزون، المستهبلين بتاعين الLaw of Attraction و(أنا لا أخون حبيبتي لكنني مخلِص لكل النساء) وما الذي يعيب إنسانا في ولاء القلب للأحباب؟ فالعشق غلاب والهوى شلاّب،
صدق مظفر النواب: كلنا قد تاب يوما ثم ألفى نفسه قد تاب عما تاب.
الذين يؤمنون فقط بما ترى أعينهم المجردة مساكين ساااي، فهم يُنكرون أشياء كُثر حولهم رغم أنها توسوس في صدورهم وتلحقهم أمات طه، وبالطبع لعين الإنسان العادي مجال رؤية محدود، فهي ترى الضوء الذي تنحصر أطوال موجاته بين (400 – 720 نانومتر) وتلك التي أقصر أو أطول من ذلك لايمكن لعين البشر أن تراها، باستثناء أصحاب الجلاء البصري أو من عنتهم حبوباتنا بقولهن (البشوف القلب يا ولدي) أو تلك الروسيه (ناتاشا ديمكينا) التي ترى حتى الجواك والحمدلله ماجات السودان.
عليه، فالجن موجود وحااااايم لكننا لا نره من حيث يرانا، يقول بعضهم أنه شكل من أشكال الطاقة سيصل العلم لمعرفته يوما ورؤيته بأجهزة معينة، ولعل ثقافتنا الشعبية تحتشد بالكثير حول الجن لا سيما محاولات إخراجه ممَن تلبَّسهم وسكنهم، ولو بالإيجار، وتلك طقوس يمارسها البشر منذ بدء الخليقه.
قيل يمكن طرد الجن والشياطين والأرواح الشريرة بالقرآن أو الإنجيل أو ثورة ديسمبريه، وهناك حركات يمارسها بعض الدجاجلة تتضمن الجَلد، أُخرج يا عدو الله، أو ما تفعله بعض الشعوب زي لمّات الزار عندنا، دستور يا اسياد، ولا أنسى أني وجمع من صبية الحي تسللنا ذات نهار إلى بيت (زار) فشاهدنا من نوافذ الصالة أشياء ما ظننا أن تحدث، النسوان ديل (يا الله هووووي بجيك وتسألني)، سيجارة الروثمان دخاخينا مُشترك نيالا مغادرا بابنوسه، ما كنت أظن أن امرأة يمكنها أن تشفط في رشفه واحدة فتيل كورفوازير (السِوسيو) اسكيتو in one go.
(أشهد ألا امرأة إلا أنت)..
بعضهن أعددن لرقصة الخواجة عدتها، لابسه فستان أحمر جكسا في خط ٦ وبرنيطه سوداء مع كأس بيسراها وانطلق البخور الخاص باستدعاء الخواجه، يا عواطف (إسكزيوزمي) ممكن تناوليني من الجوني ووكر دا، ثم أغنيه بلغة سنسكريتيه وتويست وجيرك وشي بالرقبه ودلاليك ودهجي ورهجي وياعيوني غاب انسانك ثم غيبوبة مصطنعة، رشة مويه للإفاقة، ثم بدأت المغنيات يا عيني ويييين تلقي المنام أحبابك جَفوني. بعد إعادة ترتيب الأوضاع طواااالي قَلَبَن البوني إم، دادي كول تليها لوليه وميكانيكا الأكتاف Eskista. نِمر الكِندو زاتو قرررب ياكلنا نحن المندهشين نتراوح بين فانتازيا وواقع غريب فأصبحنا، كما في ال4DX ، بعض من مسرح اللامعقول.
تأتيك من بعيد ضحكة ستيريو بصوت عذب لشابتين (مَصدرو الزهرة في نواحي سهيل).
ثم أطلَّت سيدة النساء..wow..
حضرت بعد الهاف تايم تتهادى يتقدمها صدر مدرع بالحلي أنشد له أديب الدايخ:
يعلو ويهبط في غَنَجٍ ورجرجةٍ.. كهودج العيسِ في مشي وفي خَبَبِ
الله أكبر. No woman no cry.
كانت سبقتها إلى الحفل سميره الخطيره فتلاقت قمم يا مرحى،
قالَدَن بعض، global warming، إيطاليا X إنجلترا، وجلسن شوف يا حلاتن فُزَّر في ناصِلاتِن..
كانت ملهمة الشعراء والأدباء وسُمّار الحي والغاوين، مجال نفوذها وسطوة حُسنها يمتدا بمدى رادار المطار، إنتخبوها (سِتَّهُن) في اقتراع سري للشباب وأنها (البرنجي) وفقا لإجماع شيوخ الحي السكوتي ومعهم إمامهم محمد وِلد بكاي..
ما بتاع القراي..
جاءت تلبية لدعوة كريمة من جارتها ست الزار، صَدَر بعدها بيان مشترك وتوقيع بروتكول ثقافي برعاية شمهروش شخصيا.
قبل سنوات حكيت لصديقي السياسي التفكيكي (أ.ع) عن تلك (الحادثة) فتنحنح وحمد الله وأثنى عليه وقال: تعرف يا محمد، كُتار في بلدنا دي في حالة (زار) مستدام، ولوليه ظلت تدير دواخلنا وتصرفاتنا منذ عهد الكًكر والطاقية ام قرينات حكاما ومحكومين، فجُل أفراحنا وأتراحنا وسلوكياتنا (ظار) وهستره، تطرف في كل جوانب حيواتنا وبسخاء. حميمية سلامنا خِبّيت ولِبّيع يجيب الديسك، حفلاتنا كواريك وأفراحنا جَلِد وبُطان، حرررررم وعلي الطلاق بالكيلو، ننووووم ونتحاوم بين الضَلَله وستات الشاي وعايزين كهرباء ومكيفات وصواني عامره وبنزين وعرس وصالات و show وقطيعه بالكولا وأبوخاش حمدوك، نمتدح الناس ونلعن ميتينم زاتو بالفي والمافي، نجعُر بصدق لذِكرِ الحبيب المصطفى وبدموع كذوب في المنابر للوحة دافنشي في كتاب مدرسي، ندوخ في حلقات الذكر ونسكر لط لامن يرجعونا البيت بعجلة الرغيف، أعظم منظري العالم، سياسه ودافنه وكوره، الوزاره (قافله) مشوا ل (فاتحه)، نخسر ٩/ صفر والتحكيم فااااشل. أما بيوت العزاء والأزياء فالنساء محننات والثكلي ضارب وبالجنبه كدا: لكن يا ناديه ماااا تقولي لي، توبِك إشششش ... وفجأة ينتقل الإرسال إلى FM نحيب يحنِّن وعويل تنماث له قلوب ستالين والخمير الحمر متخطيا بكا الخنساء ب ١٠٠ ديسيبل.
بعض نسائنا جعلن من (بيت البكا) زارا يجمعن فيه كل أحزانهن قديمها وحديثها مستصحبات فشل مركزي ضرب مجمل نواحي حياتنا مع استدعاء أمانِ خُلَّب تبخرت وأحلاما سحقتها مجنزرات الزمن اللئيم وعشق خديج تبدد لغياب الحاضنة بعدما بذل طرفاه وعودا كوعد عرقوب ثم غادر أحدهما باللوفتهانزا تاركا الآخر للتونسية.
تمرحل الزار فصرنا نبكي لأحداث جسام كفشل الأمة المزمن ومفارقة الأوطان ولأسباب دون ذلك، حتى أصبح مجرد الإستماع لأغنية أو ألم في الكتف مدعاة للبكاء بحُرقة، القطرة التي أترعت الكأس، نشيج أوفرتايم ونخجي وهنهنات هوادة.
مع الملء الثاني لكأس النهضة بفودكا الروس يلزمنا زار جديد لنغني:
لوليه إنتِ ما صعبه
أنا بحب كايرو وأديس أبابا.
-
(ما مر ذِكرُكِ إلا وابتسمت له ... "فأنتِ" العيد والباقون أيام)



صديقنا إبن الملوح

- محمد المرتضى حامد - في الحفلات السودانية، أيا كانت المناسبة والمكان، في البيت في الشارع في الصاله والمسرح، لازم يكون في شخص ظريف متماهي وغ...